التشكيلية يمينة بورحلة تعرض ذاكرتها الإبداعية بالجزائر العاصمة
الجزائر- تعود الفنانة التشكيلية يمينة بورحلة، بلوحاتها المعروضة بالجزائر العاصمة إلى غاية 25 أكتوبر الجاري، إلى تجربتها الفنية، بكل ما عرفته من تنوع في المواضيع والتقنيات، مدفوعة بكثير من الحنين إلى البدايات والذاكرة المرتبطة بالوطن.
ويحتضن هذا المعرض رواق قصر الثقافة مفدي زكرياء، وهذا تحت عنوان “حراس الذاكرة .. عودة الى مدرسة العمداء”، إذ توقع به التشكيلية بورحلة عودتها الى الساحة الوطنية بعد غياب دام 45 سنة قضتها في الهجرة والتنقل بين مدن أوروبية كثيرة، مارست خلالها شغفها الأكبر الرسم كوسيلة لإثبات الذات.
ويضم المعرض 54 لوحة اعتبرتها الفنانة انعكاسا لمسارها الفني ولحقبة زمنية هامة في تجربتها بالمدرسة الوطنية للفنون الجميلة بالجزائر العاصمة، حيث تتذكر توجيهات الأساتذة والعمداء الذين شكلوا مرجعية الفن التشكيلي في الجزائر، وقالت في ملخص تقديمها لمعرضها بأن “هذه اللوحات كبرت ونضجت على مر السنين وازدادت تنوعا وعمقا وثراء بفضل تأثيرات متعددة وهي بعيدة عن الأرض التي ولدت فيها”.
كما تمنح هذه الأعمال المتلقي حرية التأويل وترجمة المشاعر والأحاسيس التي يمكن أن تتولد بداخله وهو يتنقل من لوحة إلى أخرى، ذلك أن يمينة بورحلة التي ولدت فنيا في ورشات مدرسة الفنون الجميلة تعود إلى المنبع وتقترح هذه الباقة من اللوحات التي تتنفس الخيال والإبداع وتدعو إلى حوار مثمر بين ريشة الفنان والجمهور.
وبتقنيات الأكواريل على الفلين أظهرت التجربة الفنية لبورحلة انشغالها بالطبيعة موضوعا ومادة، حيث رسمت حيوانات وطيور وبساتين وغابات كثيفة، وركبت أمواج البحر مع البحارة وعلى المرافئ، وعاشت الرحلات القديمة في أوروبا القرون الوسطى، لكنها سرعان ما تعود إلى مواضيع مرتبطة بالحياة العربية الأصيلة في الأسواق وحلقات الفرجة والسمر، وكأنها توثق لمسار اكتشافاتها في بطاقات فنية جاهزة للإرسال.
وخصصت الفنانة بعض أعمالها لمدينة الجزائر، فرسمت تفاصيل الأماكن في بياضها وبهائها، واحتفت بالمدينة وعمرانها القديم والجديد وإطلالتها الساحرة على البحر الأبيض المتوسط، كما قدمت بالمناسبة نموذجا أصليا للراية الوطنية رفعت لأول مرة في يوليو 1962 تحافظ عليها كقطعة عزيزة في إطار محكم الصنع تصدر قاعة العرض.
وجربت بورحلة رسم العمارة الأوروبية بخطوط دقيقة تعكس خبرتها كمهندسة معمارية، وتعكس ثبات ريشتها وصبرها على تثبيت اللحظة في إطار قد يكون صغيرا في الحجم ولكنه شاسع في المعنى، وأيضا كما اهتمت بالشوارع القديمة وتراوحت نظرتها بين الواقعية والانطباعية.
وكان المعرض أيضا فرصة للسيدة بورحلة لتقدم تجربتها في فن البورتريه، كما هو الحال في اللوحتين “رجل عاصمي” و”يما”، حيث يظهر تركيزها على ملامح الوجه وتعابيره، خاصة ما يسطع من المقل من ضوء ذي معنى، في حين أن أعمالها في فن المنمنمات إحالة لمدرسة الاخوة راسم وكل الأجيال التي تفننت في هذا الاختصاص وهي واحدة منهم، كما هو الحال في “باقة ورد” و”راقصة مشرقية”.