القضية الفلسطينية : حصاد دبلوماسي حافل وزخم تضامني عالمي في ظل تواصل العدوان الصهيوني
الجزائر – تمكنت القضية الفلسطينية طيلة فترة العدوان الصهيوني على قطاع غزة من انتزاع المزيد من المكاسب الدبلوماسية بالمحافل الدولية الرسمية بعد الاعترافات المتتالية بدولة فلسطين وما رافقه من زخم تضامني عالمي غير مسبوق داعم لنضال الشعب الفلسطيني, في خطوة شكلت “نقطة تحول” في الموقف الدولي ازاء شرعية وحق الشعب الفلسطيني في الحرية و الاستقلال.
وداخل أروقة الامم المتحدة أين جرت أهم “المعارك الدبلوماسية” بين دولة فلسطين و الكيان الصهيوني, عززت القضية الفلسطينية من حصادها الدبلوماسي بعد تحقيق انتصارات تاريخية بفضل دعم دول صديقة وشقيقة.
و رغم القتل والتدمير و التهجير, فان القضية الفلسطينية ما فتئت تكسب ديناميكية عالمية توجت باعتماد الجمعية العامة للامم المتحدة لقرار “تاريخي” في 10 مايو الماضي تقدمت به الجزائر باسم المجموعة العربية وبأغلبية ساحقة (143 صوتا من أصل 193 دولة عضوا) ,و هو قرار يقضي بأحقية دولة فلسطين -العضو المراقب – في العضوية الكاملة بالامم المتحدة.
و على نفس الخطى, تواصل القضية الفلسطينية تعزيز رصيدها في المحافل الدولية اثر اعتماد الجمعية العامة في 18 سبتمبر الجاري و بأغلبية ساحقة قرارا أخرا -بطلب من دولة فلسطين- لا يقل أهمية عن الاول, يطالب الكيان الصهيوني بإنهاء جوده غير القانوني في الأرض الفلسطينية المحتلة في ظرف 12 شهرا, في خطوة جديدة تصب في مصب “الانتصارات التاريخية” لمطالب الشعب الفلسطيني بإنهاء الاحتلال واقامة دولته المستقلة المنشودة.
و في اطار الضغوطات الدولية من أجل حظر تزويد الكيان الصهيوني بالسلاح في حربه على قطاع غزة ووقف كل اتفاقيات التعاون العسكري معه, تبنى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في 5 أبريل الماضي قرارا تقدمت به باكستان
-نيابة عن 55 دولة من أصل 56 في الأمم المتحدة منضوية في منظمة التعاون الإسلامي باستثناء ألبانيا- يقضي بحظر تصدير السلاح إلى الكيان الصهيوني, بأغلبية 28 صوتا, مقابل اعتراض 6 دول وامتناع 13 عن التصويت. ودعا القرار أيضا الى محاسبة الكيان الصهيوني على جرائمه “ضد الإنسانية و جرائم الحرب” في قطاع غزة, في موقف يعتبر الاول من نوعه الذي يتخذه المجلس الاممي حيال الحرب على غزة.
و كان لهذا التصويت “وقعا” على مواقف بلدان كبلجيكا وإيطاليا وإسبانيا وشركة “إيتوتشو” اليابانية التي علقت بيع الأسلحة إلى الكيان الصهيوني, قبل أن تلتحق كندا بركب هذه الدول, اثر تصويت برلمانها بأغلبية ساحقة لصالح هذا الاقتراح الذي تضمن أيضا بندا يدعو إلى دعم “إقامة دولة فلسطين”.
وجاء اعتراف عدد من الدول الاوروبية “الوازنة” بدولة فلسطين ,وهي اسبانيا و ايرلندا والنرويج في وقت “مهم” و”دقيق” يشهد تنامي التأييد الدولي لحقوق الشعب الفلسطيني المشروعة. كما سبق و أن فعلت كل من سلوفينا و جامايكا و باربادا و ترينداد وطوباغو, فيما اعتبر خطوة “محفزة” لاعتراف دول أخرى بدولة فلسطين باعتبار أن هذه الدول “مؤثرة” في أوروبا الغربية.
و في خضم كل هذه التطورات, تزايدت المطالب الدولية بضرورة تجسيد “حل الدولتين”, وهو ما ألح عليه أيضا الامين العام للامم المتحدة, أنطونيو غوتيريش, في العديد من المناسبات, باعتبار أنه “الحل الوحيد لإنهاء هذا النزاع, بما يحقق السلام والاستقرار في المنطقة و في العالم أجمع”.
و تزامنا مع الاحداث المتسارعة منذ 7 أكتوبر 2024 بقطاع غزة, عرفت القضية الفلسطينية زخما تضامنيا عالميا متصاعدا رفضا للإبادة الجماعية الصهيونية بقطاع غزة, اذ عجت شوارع عواصم دول العالم وأكبر مدنها بحشود بشرية متحدية التضييقات والعراقيل وكسرت الصمت الرسمي لحكوماتها الداعمة للاحتلال و المتسترة عن جرائمه المتواصلة في حق الفلسطينيين.
وتعالت أصوات أحرار العالم لتطالب بصوت واحد ونبرة موحدة بضرورة وقف العدوان الصهيوني وايصال المساعدات الى قطاع غزة, ليبلغ صداها الجامعات الامريكية قبل أن تنتقل شرارتها الى جامعات أوروبية وسط مطالب بقطع كل شكل من أشكال التعاون مع نظيراتها الصهيونية.
كل هذه الاحداث التي ميزت المشهد الفلسطيني طيلة عام كامل من العدوان الصهيوني, شكلت “لحظة حاسمة” في السياسة الدولية, حيث عكست مدى امكانية التأثير على صناع القرار في دوائر رسمية غربية للالتحاق بركب الدول التي تدعم حق لشعب الفلسطيني في تقرير مصيره كبقية شعوب العالم.