المغرب: غليان شعبي وتذمر اجتماعي في ظل تفشي الفساد
المغرب – يعيش المغرب واقعا اجتماعيا مترديا يعكس تهميشا ممنهجا لفئات واسعة من المجتمع. فبالرغم من الوعود المتكررة من الحكومة بتحسين الأوضاع, فإن سياساتها تظل حبرا على ورق, في غياب إرادة لتطبيق برامج وإصلاحات قادرة على إحداث تغيير ملموس وسط غليان شعبي وتذمر واسع في ظل تفشي الفساد.
وفي هذا السياق, أبرزت العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان الواقع المزري الذي يعانيه الأشخاص ذوو الإعاقة في المغرب, مؤكدة أن هذه الفئة تواجه إقصاء شاملا وغيابا شبه كامل للحقوق الأساسية التي تكفلها التشريعات الوطنية والدولية.
وفي بيانها الصادر بمناسبة اليوم العالمي للأشخاص ذوي الإعاقة, شددت العصبة على أن الحكومة المغربية لم تجسد القوانين المعلنة على أرض الواقع, ما جعل من حياة ذوي الإعاقة كفاحا يوميا ضد الإهمال والتمييز في مجالات التعليم والصحة وسوق العمل والمشاركة الاجتماعية.
وأوضحت العصبة أن التعليم, كحق أساسي, يبقى مغيبا بالنسبة للأطفال ذوي الإعاقة, إذ لا تزال المدارس تفتقر إلى البنية التحتية المناسبة والتجهيزات الضرورية لدمجهم. كما أن غياب المدرسين المؤهلين والمناهج المكيفة أدى إلى ارتفاع معدلات التسرب المدرسي بينهم.
وفي المجال الصحي, أكدت العصبة أن الأشخاص ذوي الإعاقة يواجهون صعوبات كبيرة في الحصول على خدمات صحية ملائمة, حيث تتركز المراكز القليلة المتخصصة في المدن الكبرى فقط, بينما يعاني أغلبهم من غياب التغطية الصحية الشاملة وارتفاع تكاليف العلاج.
أما في سوق العمل, فقد شددت العصبة على أن نسب البطالة في صفوف هذه الفئة تتجاوز المعدلات الوطنية بكثير, في ظل غياب سياسات حقيقية لإدماجهم.
واعتبرت العصبة أن الحكومة تتجاهل تماما هذه الشريحة, حيث لا تجد قضاياها مكانا ضمن الأجندة الوطنية, رغم إصدار استراتيجيات وطنية مثل السياسة العمومية المندمجة للنهوض بحقوق الأشخاص في وضعية إعاقة, إلا أن غياب الرقابة وضعف التنسيق بين القطاعات الحكومية جعل هذه السياسات مجرد شعارات.
في موازاة ذلك, كشف تقرير “تيمس 2023”, الصادر عن الجمعية الدولية لتقييم التحصيل التربوي, عن أزمة أخرى تعمق من معاناة المغرب, وهي تدهور مستوى التعليم. و قد جاء المغرب في ذيل التصنيف العالمي للتحصيل الدراسي في الرياضيات والعلوم, متراجعا عن ترتيب دورة 2019.
وبحسب التقرير, لم يتجاوز تلاميذ السنة الثانية إعدادي 327 نقطة في العلوم و378 نقطة في الرياضيات, وهي معدلات أقل من الدورات السابقة, ما جعله يحتل المرتبة ما قبل الأخيرة بين الدول المشاركة.
وفي المرحلة الابتدائية, لم تكن الأوضاع أفضل, حيث حصل تلاميذ السنة الرابعة ابتدائي على 393 نقطة في الرياضيات و390 نقطة في العلوم, متراجعين بذلك عن مستوياتهم السابقة. وأكد التقرير أن هذه النتائج تبرز فشل السياسات التعليمية المغربية التي تفتقر إلى رؤية إصلاحية جادة قادرة على معالجة اختلالات النظام التعليمي.
وأوضحت الجمعية الدولية أن الوضع التعليمي في المغرب يعكس إهمالا مزمنا من قبل الحكومة, حيث تظل البنية التحتية متردية والمناهج غير محدثة, مع استمرار نقص الموارد البشرية المؤهلة, ورغم التصريحات الحكومية المتكررة حول إصلاح المنظومة التعليمية, فإن غياب التنفيذ الفعلي والسياسات الجادة أدى إلى استمرار تراجع الأداء التعليمي.
ومن هذا يتضح أن تهميش الأشخاص ذوي الإعاقة وفشل التعليم ليسا سوى مظاهر متعددة للأزمة الاجتماعية التي يعيشها المغرب والتي تتجلى في تجاهل الحكومة لمطالب الشعب وانعدام الإرادة السياسية لمعالجة القضايا الحيوية. فبينما تغرق البلاد في هذه الأزمات المتشابكة في ظل تفشي الفساد, تستمر السلطات في الانشغال بتحقيق مصالحها الضيقة, على حساب مستقبل أجيال كاملة تنتظر تغييرا لا يبدو قريبا.