جانت: ”أغلاي أنكال”..عادة متوارثة للإحتفاء بعودة الحجاج من البقاع المقدسة
جانت- تعد عادة “أغلاي أنكال” واحدة من التقاليد الإجتماعية العريقة المتوارثة لدى سكان جانت ومنطقة الطاسيلي نآجر عموما التي ترمز إلى الإحتفاء بعودة الحجاج الميامين من البقاع المقدسة.
وتحتل عادة “أغلاي أنكال” مكانة هامة في الحياة الاجتماعية لسكان المنطقة الذين يتفاءلون بعودة حجاج بيت الله الحرام, و قبول مناسك فريضة الحج, الركن الخامس من الإسلام.
وفور وصول ضيوف الرحمان إلى بيوتهم, يشرع كل حاج في استقبال جموع المهنئين بعودته إلى أهله سالما غانما, ويوزع الصدقات, حيث تقدم التبريكات وتوزع بعض الهدايا على الزوار تيمنا ببركات بلد الحرمين, سائلين المولى عز وجل جماعيا أن ييسر لهم زيارة البقاع المقدسة, وفق ما صرح لـ”وأج” مهتمون بالتراث المحلي.
وبعد انقضاء ثلاثة أيام كاملة من استقبال المهنئين, يشرع الحاج في التحضير لعادة ”أغلاي أنكال” من خلال ارتداء أفضل الملابس و وضع أجمل العطور التي تم إقتناؤها خصيصا لهذه المناسبة الاجتماعية, حيث يقوم الحجاج في اليوم الرابع من وصولهم إلى بيوتهم بالتزين والتعطر والتجمع في أحيائهم رفقة ذويهم للانطلاق في جولة مشيا على الأقدام يجوبون فيها مختلف شوارع مدينة جانت.
ويتجمع سكان قصور زلواز والميزان وأجاهيل بجانت للتوجه لزيارة المرضى, وكذا زيارة كبار السن لتشويقهم لزيارة البقاع المقدسة.
وتستكمل جولة الحجاج بالتوجه إلى المساجد العتيقة بالمدينة, وهم يتضرعون بأصوات عالية إلى المولى عز وجل لينزل عليم غيثا نافعا, وترديد بردة البصيري, قبل أن يزوروا مقبرة كل قصر من قصور جانت العتيقة, حيث تختتم فعاليات هذه المناسبة المجتمعية بالدعاء للمتوفين, وتقديم دروس ومواعظ.
أغلاي أنكال، عادة حميدة تعزز التواصل بين فئات المجتمع
وبهذه المناسبة أوضح إمام مسجد “علي ابن أبي طالب” بقصر الميزان, الشيخ شالعلي مصطفى, أن “هذه العادة الحميدة التي لا زال سكان المنطقة يحافظون عليها, تعبر عن تلاحم المجتمع وتماسكه, كونها وسيلة تعزز التواصل بين مختلف فئاته”.
وأشار ذات المتحدث في هذا الصدد, الى أن “سكان المنطقة قديما كانوا يقيمون هذه العادة أيضا بتوجيه من أعيان المدينة عند حلول الجفاف, وتختتم بتوزيع الصدقات”.
ومن جهته أفاد الشيخ حساني, أحد الحجاج العائدين من البقاع المقدسة, بأن “إحياء هذه العادة الاجتماعية يتم بعد ثلاثة أيام من عودة الحجاج الميامين إلى ديارهم, حيث يرتدي الحاج ضمن مجموعة تتكون من حجاج المنطقة أبهى لباس تقليدي, ويتجولون رفقة مواطنين بشوارع المدينة, كما يزورون المقابر للترحم على ذويهم الاموات, والتوقف عند كل مسجد لأداء ركعتين, وهم يرددون أدعية ومدائح دينية, ويتلون ما تيسر من آيات القرآن الكريم”.
وأبرز السيد حساني بأن “هذا العرف يسهم في تعزيز التماسك الاجتماعي والتواصل بين الأجيال, كونه يجمع بين الأطفال والشباب وكبار السن, حيث يتم بالمناسبة تبادل أطراف الحديث حول مسائل اجتماعية وتربوية ودينية”.
وبدوره, يرى مدير الشؤون الدينية والأوقاف بالنيابة, أحمد بن عومر, بأن “هذه العادة الاجتماعية تعتبر جزءا من التقاليد الدينية المتوارثة بين سكان جانت, وتكتسي أهمية ثقافية واجتماعية وروحية, حيث يحرص الحجاج على إحيائها كل سنة بعد تأدية شعيرة الحج”.