فلسطين: تصاعد جريمة الاختفاء القسري وانتهاكات جسيمة لحقوق الضحايا في غزة
الجزائر – تتصاعد جريمة الاختفاء القسري بحق الشعب الفلسطيني حيث اختفى آلاف المدنيين بغزة والضفة الغربية, لاسيما منذ بدء العدوان الصهيوني على القطاع في السابع أكتوبر 2023, في ضوء تعرضهم لانتهاكات جسيمة لحقوقهم في سجون ومعتقلات الاحتلال الذي يرفض الكشف عن مصيرهم.
وبينما يذكر اليوم العالمي لضحايا الاختفاء القسري بضرورة حمايتهم من انتهاكات حقوق الانسان وتؤكد الاتفاقية الدولية لحماية الاشخاص من الاختفاء القسري السارية المفعول منذ 2010, أنه جريمة ترقى إلى مستوى “الجرائم ضد الإنسانية” إذا ما تمت ممارستها على نطاق واسع أو بطريقة ممنهجة, فان الاحتلال يصعد من حملات المداهمات وعمليات الاعتقال العدوانية التي تتخللها تحقيقات واعدامات ميدانية في الاراضي الفلسطينية المحتلة, وسط استمراره في الافلات من العقاب بتواطؤ غربي فاضح وانتهاك صارخ للقانون الدولي الانساني.
ومع أن الاتفاقية تشدد على انه “لا يجوز التذرع بأي ظرف استثنائي كان سواء تعلق الأمر بحالة حرب (…) أو بأية حالة استثناء أخرى, لتبرير الاختفاء القسري”, فان المحتل يتمادى حتى هذه اللحظة في انتهاك الحقوق المدنية أو السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية للضحايا وأسرهم والتي تنص عليها المواثيق الدولية, كحقهم في الاعتراف بشخصيتهم القانونية وفي الحرية والأمن على شخصهم وعدم التعرض للتعذيب أو لأي ضرب آخر من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة والحق في الحياة في الحالات التي يقتل فيها الشخص المختفي وفي محاكمة عادلة و في معرفة الحقيقة فيما يخص ظروف الاختفاء وتوفير الحماية والمساعدة للأسرة (…) وغيرها من الحقوق الاساسية.
ويستخدم المحتل الاجرامي سلاح الاختفاء القسري بحق آلاف الرجال والفتيان والاطفال والنساء والفتيات, خلال حملات الاعتقال الجماعية بشكل يومي.
وتخطى اجمالي المعتقلين في غزة 10 الاف معتقل خلال الهجوم البري للقوات الصهيونية والنزوح القسري من شمال القطاع إلى جنوبه ليعقبها إخفاؤهم قسريا, دون معرفة مصيرهم, فيما إذا كانوا لا يزالون على قيد الحياة أم استشهدوا داخل المعتقلات الصهيونية إثر التعذيب الوحشي, في وقت يرفض الاحتلال الكشف عن أي معلومات حول من يتم احتجازهم وعن أماكن وجودهم ورفضه الاعتراف بحرمانهم من حريتهم وتجريدهم من حماية القانون.
واذا كانت بعض العائلات الغزية وثقت من على ركام منازلها المدمرة قبل النزوح, اختفاء بعض أفرادها تحت الركام, فهناك عائلات أخرى تترقب أي نبأ من محام أو أسرى محررين قد يكونوا التقوا في سجون الاحتلال بأبناء لهم, وفق ما تؤكد مؤسسات حقوقية فلسطينية.
والاختفاء القسري لأحد الاقارب من شأنه أن يخلق واقعا مؤلما تعيشه الأسرة الفلسطينية لعدم معرفة الحقيقة بشأن مصير ذويها, وهو “الحق في معرفة الحقيقة بشأن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان” وخصصت له الامم المتحدة يوما عالميا في 24 مارس 1980 لإنصاف ضحايا الانتهاكات الجسيمة والممنهجة ومحاسبة المجرمين المتورطين في انتهاكات حقوق الانسان.
منظمات حقوقية فلسطينية ومؤسسات دولية من بينها المفوضية السامية لحقوق الإنسان ومنظمة العفو الدولي تؤكد تواصل تلقيها شهادات من معتقلين مفرج عنهم عن تعرضهم لأبشع أشكال التعذيب على الرغم من سريان اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب ابتداء من عام 1997, وإعلان اليوم الدولي لمساندة ضحايا التعذيب في 24 يونيو 2024 , بهدف القضاء التام على التعذيب ودعم ضحاياه في كافة الدول.
وتتزايد جريمة الإخفاء القسري في غزة بشكل متعمد وممنهج لإرهاب وإبادة الفلسطينيين, بالتوازي مع ارتفاع عدد المفقودين و الشهداء والجرحى منذ بداية العدوان, والذي جعل من موضوع المفقودين “قضية مركبة ومعقدة”, وفق ما وصفته جهات حقوقية رسمية وأهلية.
وقضية المفقودين “قضية كبرى”, يقول رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين, قدورة فارس, مضيفا بأن هناك قسم كبير من المفقودين تحت الركام والدمار, متسائلا “كيف سنميز بين من فقد لدى الاحتلال ومن استشهد, ومن يوجد تحت الركام؟”.
ويذكر منسق شبكة المنظمات الأهلية في غزة, أمجد الشوا, أن ملف المفقودين “مستمر ومتواصل” وهو ملف “انساني وقانوني ويوضح أن المنظمات الحقوقية الفلسطينية وحسب الامكانيات المتوفرة لديها تقوم منذ بداية العدوان وبالتعاون مع الهيئات الدولية في توثيق شهادات تتعلق بالمفقودين سواء الموجودين تحت ركام المنازل أو من تم اعتقالهم أو من فقدوا ولا يعرف مصيرهم وتوثيق أيضا الحالات ومن ضمنها استخدام المدنيين كدروع بشرية ورفعها إلى كافة الجهات لمتابعتها”.