الدخول الاجتماعي: المجتمع المدني فاعل أساسي في الحملة الوطنية لنظافة المحيط
الجزائر – يحرص فاعلو المجتمع المدني على ترك بصماتهم في مختلف المناسبات، حيث عمدوا بالتزامن مع الدخول الاجتماعي والتحضير له إلى رفع شعار “محيط نظيف”، للمساهمة في جعل محيط مختلف المؤسسات، على غرار الجامعات، المدارس، و مراكز التكوين، على أتم الاستعداد لاستقبال روادها.
وللوقوف على مثل هذه المبادرات، رافقت “وأج” عددا من الفاعلين في الميدان الذين جعلوا من مختلف المؤسسات ورشات حية، تدعيما للحملة التي شملت عدة قطاعات، حيث جسدوا الشعارات التي حملوها على أرض الواقع على غرار “دخول مدرسي في محيط نظيف”، “مدرسة نظيفة من أجل أبنائنا”، و”مدرستي هي أيضا بيتي”.
وتحت الشعار الأخير نظمت جمعية “Green Bike”، مبادرتها الخاصة بتنظيف المدارس التربوية للسنة الثالثة على التوالي، حيث أوضح رئيسها، عبد الحكيم لعشيشي، أن عمليات تنظيف وطلاء المدارس، تتم بمشاركة المتطوعين، إذ باتت هكذا خطوات تلعب دور القدوة ليتم بعد الإعلان عنها، تبنيها من طرف عدة مواطنين على مستوى مختلف الولايات، حيث تلعب مواقع التواصل الاجتماعي دورا إيجابيا وفعالا في هذا الجانب.
وكان لفئة ذوي الهمم، حصتها من هذه العمليات، حيث أولت جمعية “Green Bike”، هذه السنة أهمية خاصة لهذه الشريحة، من خلال تنظيم عمليات تنظيف للأقسام الخاصة بهم وطلائها، إلى جانب تزيينها بمساهمة من رسامين وفنانين عملوا على جعل الدخول المدرسي مميزا في أعين هؤلاء التلاميذ.
كما أبدع هؤلاء الفاعلون في طرق تقريب هذه المبادرات من المواطنين، وعلى سبيل المثال، نظمت الجمعية مبادرة لتنظيف مؤسسة تربوية على مستوى بلدية البوني بولاية عنابة، على أيدي تلامذتها القدامى، الذين أشرفوا على حملة التنظيف وغرس الأشجار، إلى جانب الطاقم التربوي والمؤطرين، وهو ما خلق جوا خاصا ومميزا أحيى روح الانتماء لهذه المؤسسة وضرورة صيانتها والحفاظ عليها على وجه الخصوص وعلى المحيط البيئي ككل.
وفي السياق ذاته، أضاف السيد لعشيشي أن النشاط لم يقتصر على داخل المؤسسات التربوية، إذ تم برمجة تنظيف مجرى مائي بالقرب من إحدى المتوسطات، وهو ما يعني ضرب عصفورين بحجر واحد، من خلال تجسيد نظافة محيط المؤسسات إلى جانب حماية التلاميذ، سيما أننا على أبواب موسم الأمطار الخريفية.
غرس الثقافة البيئية الرهان الأساسي
وفي ذات الإطار، أوضح رئيس المنظمة الجزائرية للبيئة والمواطنة، سفيان عفان، أن الهدف الأول من خلال مبادرات تنظيف المحيط، يكمن في “غرس الثقافة البيئية”، لتتحول لسلوك دائم وسط كل شرائح المجتمع، مشيرا إلى أن النتائج “بدأت تتجسد ميدانيا وهو ما يشجع ويعطي طاقة أكبر على البذل”.
ويرى السيد عفان أن اجتماع الجهود الرسمية إلى جانب فاعلي المجتمع المدني وحتى المواطنين في عمل واحد، يصب في إطار نظافة المحيط، يمثل خطوة إيجابية تفتح الباب أمام توسيعها مستقبلا. وفي هذا السياق، يستشهد المتحدث بإقدام إحدى المدارس القرآنية بولاية تندوف على الانضمام جماعيا إلى مبادرة تنظيف إحدى المدارس الكائنة بجوارها، وهو ما يعكس الاستعداد للإقبال على حماية البيئة وتحسين المحيط.
ولم يتوقف الأمر عند هذه العينة –يضيف السيد عفان– إذ يرى في إقدام أولياء التلاميذ رفقة أبنائهم على تغيير برنامج عطلهم والالتحاق بعمليات التنظيف، “نقطة جد مهمة” ستنعكس على تنشئة شباب الغد.
من جهتها، أثنت رئيسة فدرالية أولياء التلاميذ، جميلة خيار، على المبادرة الوطنية لتنظيف المحيط، قائلة إن “مساهمتهم ضمن العملية التطوعية جاءت لترسيخ هذا السلوك وجعله عادة مجتمعية مستمرة على مدار السنة”.
وأكدت أن تنشئة الأبناء على هكذا أجواء من شأنه غرس ثقافة حماية المحيط لدى الأطفال، وعلى رأسه المدرسة التي تعد نواة مجتمعية أساسية في التنشئة.
وبغية تثمين هذه الجهود والاستثمار فيها، دعا السيد عفان إلى جعل مثل هذه المبادرات عملا متواصلا على مدار السنة ومن طرف جميع الفئات، إلى جانب عمليات التحسيس بإشراك المؤسسة المسجدية، التربوية ومختلف الخيرين والمؤثرين.
كما شدد على أهمية توسيع آفاق العمل التطوعي وتدعيم عمليات التنظيف بثقافة الفرز بداية من الناشئة من خلال تعدد الحاويات على مستوى المدارس، إلى جانب غرس ثقافة الطاقات المتجددة واعتماد الألواح الشمسية، مركزا على “ضرورة تلقين ثقافة التغير المناخي في ظل المخاطر الكبرى التي تتضاعف تأثيراتها عالميا”.
ودعا المتحدث إلى الخروج من أسوار المؤسسات سواء التربوية أو التكوين المهني وكذا الجامعات والانتقال إلى الشارع لاكتساب كثقافة عامة تتجلى في السلوكيات اليومية للمواطن.