المغرب : دخول مدرسي جديد وسط هواجس من عودة الاحتقان
الرباط – انطلق اليوم الاثنين الموسم الدراسي الجديد بالمغرب وسط مخاوف من عودة الاحتقان الذي هيمن طيلة العام الدراسي الماضي على خلفية رفض آلاف الأساتذة “النظام الأساسي” لموظفي قطاع التربية و عجز الحكومة على حل كل الملفات العالقة.
و في سياق وضع اجتماعي متأزم, عاد أكثر من ثمانية ملايين تلميذ إلى المدارس بينما تشير معطيات بأن كثيرين منهم يواجهون صعوبات في تحصيلهم الدراسي, و هو ما كشفت عنه نتائج البرنامج الدولي لتقييم التلاميذ “بيزا 2022”, حيث احتل المغرب المرتبة 79 في مجال القراءة من أصل 81 دولة والمرتبة 76 في العلوم و ال71 في الرياضيات.
كما ينطلق الموسم التعليمي الجديد في ظل تجدد النقاشات حول التحديات التي تواجهها المنظومة التربوية في المغرب, ولعل أبرزها النقص في الموارد البشرية التي ينتج عنها اكتظاظ في الفصول الدراسية, فضلا عن البنية التحتية التي يعتبرها العديد من متتبعي الشأن التعليمي “متهالكة وتحتاج إلى إعادة تأهيل”.
و يصادف التحاق التلاميذ بصفوف الدراسة أسئلة ما تزال عالقة حول مستوى التحصيل لدى هؤلاء التلاميذ في ظل الظروف الصعبة التي طبعت الموسم الدراسي المنصرم وتذمر واضح للأسر المغربية التي تعيش ضائقة مالية قد لا تسعفها في أداء واجبات التسجيل واقتناء الأدوات المدرسية التي باتت أسعارها تفوق قدرتهم الشرائية.
كما تتزامن بداية الموسم الدراسي مع الإحصاء العام للسكان والسكنى الذي انطلق الأحد الماضي ويستمر إلى غاية 30 من سبتمبر الجاري وهي العملية التي أثارت “جدلا واسعا” بسبب مشاركة الأساتذة فيها.
وعلى الرغم من أن الوزارة الوصية طمأنت المغاربة بأنها “تعمل على تدبير هذه الفترة بالإجراءات اللازمة لضمان عدم التأثير على مصلحة التلاميذ” الا أن “الرؤية تسودها ضبابية” أمام الأسر حول الطريقة التي ستدبر بها الوزارة هذا النقص على مستوى الأساتذة الغائبين عن المدارس خلال هذه الفترة خاصة ب”النظر لأهمية هذا الشهر بالنسبة للعلاقة بين الأساتذة والمتمدرسين”.
و أوضح الكاتب العام الوطني للجامعة الوطنية للتعليم, عبدالله غميمط, أن النقاش حول عملية الإحصاء “مفتعل للهروب من المشاكل الحقيقية التي يعاني منها القطاع والتي ليست وليدة اللحظة والممتدة لعقود بقرار رهن المدرسة العمومية بخيارات السوق والرأسمال وربط المدرسة والشأن التعليمي بالهواجس المالية”.
و تابع غميمط أن الدخول المدرسي الحالي “لا يختلف عن السنوات السابقة من حيث الارتباك والاختلالات المسجلة و هذا راجع بالدرجة الأولى لغياب تخطيط محكم وإرادة سياسية للدولة في النهوض بالمدرسة العمومية”,مشيرا الى أن “أبرز مشكل ستعيشه المنظومة خلال هذا الموسم وسيحرم أبناء وبنات الشعب المغربي من حقهم في التعلم, هو النقص في أطر هيئة التدريس بسبب سياسة التقشف التي تمارسها الدولة التي لم تعد توظف العدد الكافي لسد هذا النقص.
و يرى متخصصون في الشأن التعليمي أن التحديات “تبدو كبيرة” بالنسبة للمنظومة التربوية اذ أن أكثر من ثلثي التلاميذ “لا يتقنون المهارات الأساسية في التعليم الابتدائي بسبب السياسات التعليمية التي تفضل المقاربة الكمية على حساب النوعية مما جعلها تدفع ثمنا باهظا لسياسة تعميم التمدرس لعقود دون وضع الموارد المادية البشرية الكافية لذلك”.
كما يواصل التسرب المدرسي في تآكل النظام التعليمي لدرجة أنه يمس أكثر من 300 ألف طالب كل عام وهم ينتمون إلى الفئة العمرية /15-24 عاما/ وليسوا في المدرسة ولا في التكوين ولا في العمل حيث بلغ عددهم 5ر1 مليون فرد عام 2023.